الوضعية التعلمية الأولى : من تبلور الوعي الوطني الجزائري إلى الثورة التحريرية

الوحدة التعلمية الثانية : الجزائر ما بين (1945-1989)

 الوضعية التعلمية الأولى : من تبلور الوعي الوطني الجزائري إلى الثورة التحريرية

أولا : حتمية الثورة :

1/ مجازر 8 ماي 1945: تتمثل في خروج الشعب الجزائري في مظاهرات سلمية  للاحتفال بانتصار الحلفاء على الديكتاتورية الألمانية للضغط على الفرنسيين لتحقيق مطالبه (الإستقلال).عمت المظاهرات كل القطر الجزائري لكن سرعان ما تحول الأمر إلى مجزرة بشعة بدأت بإطلاق النار على بوزيد شعال بمدينة سطيف و امتدت للمدن المجاورة خاصة خراطة و قالمة ، سعيدة ، بجاية ، سكيكدة ، خنشلة ، بوسعادة ، شرشال ...
*أسبابها : 
 سياسة التعسف والقمع تجاه الجزائريين .
عدم التزام فرنسا بوعودها  تجاه الجزائريين المتمثلة في الحرية و الإستقلال.
المطالبة باطلاق صراح المعتقلين وإعادة المنفيين.
تزايد الوعي في أوساط الجزائريين خاصة بعد صدور بيان فيفري 1943م ( 03-10/02/1943 ) و اقتناعهم بان ما اخذ بالقوة لا يسترجع إلا بالقوة .
إقرار مبدأ تقرير مصير الشعوب من خلال )ميثاق الأطلسي 14 أوث 1941 و مؤتمر سان فرانسيسكو أفريل1945,  خطاب ديغول في برازافيل ( الكونغو)       جانفي  1944 الداعم لحكم المستعمرات لنفسها ، مبادئ الأمم المتحدة 1945 ، ميثاق الجامعة العربية في 22/03/1945م ( تدعيم استقلال البلاد العربية )
*رد فعل الإستعمار الفرنسي ˸ بدلا من الإستجابة لمطالب الجزائريين أقدمت الإدارة الفرنسية على إرتكاب مجزرة راح ضحيتها 45ألف شهيد بهدف:
تخويف و ترهيب الشعب الجزائري حتى لا يطالب مرة أخرى بالاستقلال 
التخلص من عقدة الهزيمة النكراء التي تعرضت لها أمام القوات الألمانية مع مواطنين عزل 
القضاء علي الجهود السياسية التي تقوم بها الحركات الوطنية 
إرهاب و تخويف باقي مستعمراتها 
البرهان الفاشل على مدى قدرتها في التحكم على أي حركة أو ثورة مناهضة لوجودها.
*نتائجها و إنعكاساتها: 
استشهاد 45 ألف جزائري و آلاف المعتقلين .
حل الأحزاب السياسية الوطنية مثل جبهة أحباب البيان و الحرية في 14/05/1945م و اعتقال زعمائها كفرحات عباس و سعدان صالح 
غلق المدارس العربية .
تعميق الهوة بين الشعب الجزائري و فرنسا 
رفع القضية الوطنية إلى الساحة الدولية رغم التستر الفرنسي.
إعادة بناء الحركة الوطنية بعد إصدار فرنسا في 9 مارس 1946 قانون العفو الشامل و في 16 مارس أفرجت عن مصالي الحاج و فرحات عباس فتم تأسيس أحزاب جديدة على النحو التالي:
أ – الاتجاه الاستقلالي : تمثل في  حركة الانتصار للحريات الديمقراطية التي أسسها مصالي الحاج  في 2 نوفمبر 1946 خلفا  لحزب الشعب الذي يطالب بالاستقلال التام عن فرنسا
ب – الاتجاه الإدماجي : تمثل في  الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري الذي أسسه فرحات عباس في17 أفريل 1946 خلفا لحزب أحباب البيان الذي يطالب بإقامة جمهورية جزائرية مرتبطة بفرنسا
جـ – الاتجاه الإصلاحي : تمثل في جمعية العلماء المسلمين الجزائريين التي أسسها عبد الحميد بن باديس ثم استعادت نشاطها برئاسة البشير الإبراهيمي  عقدت مؤتمرها التاسع في 21 جويلية 1946 رفضت من خلاله الإدماج وواصلت على نهجها .
د- الاتجاه الاجتماعي :  تمثل في أصحاب الحرية والديمقراطية خلفا الحزب الشيوعي الجزائري بقيادة عمار أوزقان الذي طالب هو الأخر بجمهورية جزائرية.
إن القاسم المشترك بين هذه الأحزاب أصفر عن مختلف التيارات إنشاء الجبهة الجزائرية للدفاع عن الحريات واحترامها في 05 أوت 1951م التي حلت في نوفمبر 1952م.
الاقتناع بعقم النضال السياسي والإيمان بحتمية الكفاح المسلح مما مهد لإنشاء المنظمة الخاصة l’OS قصد الإعداد للثورة ما بين 15و16فيفيري1947م.

2 / دستور الجزائر 1947 ( القانون الخاص˸ موقف فرنسا من الحركة الوطنية ) هو مجموعة من القوانين المسير ة لشؤون الجزائر يتكون من 8 أبواب و 60 مادة اقره المجلس الفرنسي و الرئيس فانسان اوريول  في إطار مشروع إصلاحي لدعم السياسة الاستيطانية صدر في  20- 09 - 1947 بهدف :- ضرب وعي الحركة الوطنية و محاولة احتوائها  - إثارة الخلافات بين صفوفها لضرب تقاربها و دفعها إلى العمل السياسي السلبي
* أسبابه : - مجازر 8 ماي 45 - تزايد نشاط الحركة الوطنية - تزايد الوعي - محولة فرنسا تهدئة الأوضاع
محتواه : أ) الجزائر جزء لا يتجزأ من فرنسا يتساوى سكانها في الحقوق و الواجبات و جنسيتهم فرنسية// ب) يحافظ المسلمون الجزائريون على حالتهم الشخصية الإسلامية // جـ) الوظائف العامة مدنية أو عسكرية مفتوحة أمام سكان الجزائر على السواء//        د) فصل الدين الإسلامي عن الدولة و اعتبار العربية لغة رسمية ثانية // هـ) إنشاء مجلس جزائري منتخب﴿برلمان﴾ يتكون من 120عضوا( 60 جزائريين , 60 فرنسيين ) //  و) يتألف حول الوالي العام مجلس حكومة يتكون من 6 أعضاء .
موقف الجزائريين من الدستور : رفض الشعب الجزائري هذا الدستور لأنه أبقى على النظام الاستعماري ولم يحقق لهم المساواة ( 60 نائبا لـ : 10 ملايين جزائري و 60 نائبا لـ : 800 ألف أوروبي ) كما أن الجزائريين لم يشاركوا في وضعه و لذلك لم يأخذ بعين الاعتبار مطالبهم الشرعية و حقهم في تقرير مصيرهم.
موقف المعمرين : هلل المعمرون بالدستور و اعتبروه  وسيلة تحقق لهم تسيير شؤون الجزائر بأنفسهم دون تدخل بلادهم.
3 / أزمة حركة الانتصار للحريات الديمقراطية : بعد اكتشاف المنظمة سنة1950 بادرت حركة الانتصار إلى تشكيل اتحاد يجمعها بالتنظيمات الحزبية الأخرى و تم الاتفاق على إنشاء الجبهة الجزائرية للدفاع عن الحرية في 03 أوت 1951م و التي حلت في 1952م بسبب الاختلاف في الرأي و التوجهات و الوسائل و الأهداف.
ظهرت الأزمة أثناء انعقاد المؤتمر الثاني لحركة الانتصار في04-06 أفريل 1953حيث صادق على˸ 1- اتخاذ قرار بإعادة تشكيل المنظمة الخاصة و تفعيل دورها 2 – وضع حد لسياسة المشاركة في الانتخابات كما وافق المؤتمر على : -انتخاب قيادة جديدة – إقرار مبدأ القيادة الجماعية – دعوة قيادة الحزب لإعادة تشكيل المنظمة الخاصة في اقرب وقت  , فعارض مصالي الحاج هذه القرارات و طالب بمنحه التفويض المطلق في تسيير الحزب فحدثت الأزمة و انقسم الحزب على نفسه إلى 3 تيارات :
– المصاليون :أنصار مصالي الحاج الذين  يرفضون مبدأ القيادة الجماعية و يكرسون الزعامة الفردية لمصالي الحاج مثل مولاي مرباح-عيسى عيدلي-فيلالي مبارك...
– المركزيون او الاصلاحيون : أعضاء اللجنة المركزية الذين يصرون على مبدأ القيادة الجماعية و تنفيذ قرار الأغلبية مثل بن يوسف بن خدة-حسين الأحول-إبراهيم حشاني...
– الثوريون : أنصار المنظمة الخاصة مثل مصطفى بن بولعيد-محمد بوضياف...
وقد احتدم الصراع سنة 194 حين عقد المصاليون مؤتمرا استثنائيا في جويلية ببلجيكا توج بإعادة هيكلة الحزب حسب نظرة  رئيس الحزب إليه فرد المركزيون بعقد مؤتمر في الجزائر العاصمة في أوت 1954 و انتهى بإجماع على إلغاء منصب رئيس الحزب أي طرد مصالي الحاج منه كلية.

4 ظهور اللجنة الثورية للوحدة و العمل : تكونت في 23 مارس 1954 من طرف بعض أعضاء المنظمة الخاصة بهدف لم الشمل و توحيد الجماهير و إخراج الحركة من المأزق الذي وقعت فيه٬ حيث عقدت سلسلة اجتماعات تحضيرا لتفجير الثورة أهمها ˸
-اجتماع لجنة 22 يوم 25 جوان 1954: بمنزل المناضل دريش الياس بالمدنية انبثقت عنه لجنة الستة﴿العربي بن مهيدي-مصطفى بن بولعيد-محمد بوضياف-كريم بلقاسم-ديدوش مراد-رابح بيطاط﴾
-اجتماع 10 أكتوبر 1954 بمنزل المناضل كشيدة تم فيه التأكيد على القيادة الجماعية و تقسيم البلاد إلى 5 مناطق.
-اجتماع 23 – 10- 1954 : و هو الاجتماع الحاسم الذي تم فيه تنظيم كل الأمور لتفجير الثورة من تحديد التاريخ و إعداد بيان أول نوفمبر و الاتفاق على التمثيل السياسي لجبهة التحرير الوطني و العسكري لجيش التحرير الوطني و التأكيد على تقسيم البلاد إلى المناطق الخمسة .

ثانيا: الظروف الإقليمية و الدولية :

1 - الظروف الداخلية : - استمرار الاستعمار الفرنسي – تدهور الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية – مجازر 8 ماي 45 . - عجز الحركة الوطنية عن تحقيق الاستقلال بالطرق السلمية – أزمة حركة الانتصار – ظهور اللجنة الثورية للوحدة و العمل
2 - الظروف الإقليمية : - نجاح الثورة المصرية 23 جويلية 1952 اندلاع الكفاح المسلح في كل من تونس و المغرب الأقصى
3 - الظروف الدولية : انتشار موجة التحرر في إفريقيا و آسيا – انهزام فرنسا في الهند الصينية في معركة ديان بيان فو 7 ماي 1954 – انعقاد مؤتمر جنيف الذي اقر استقلال لاووس , كمبوديا و الفيتنام بقسميه الشمالي و الجنوبي – سياسة الانفراج الدولي.

ثالثا: مواثيق الثورة

1 / بيان أول نوفمبر 1 – 11 – 1954: تم فيه تحديد و ضبط سير الثورة و مبادئها و أهدافها المتمثلة في الاستقلال الوطني الذي هو الهدف الأساسي إلى جانب تجنيد الشعب وراء جبهة التحرير الوطني و تدويل القضية الجزائرية و وضع الضوابط و الشروط للتفاوض و وقف القتال عند اللزوم.
2 / ميثاق الصومام 20 أوث 1956 : وضع بعد تحقيق شمولية الثورة و اتساع رقعتها في كامل التراب الوطني حيث أصبح من الضروري وضع أسس تنظيمية جديدة تتلاءم مع المستجدات و بناء عليه عرفت الثورة العديد من التنظيمات السياسية و العسكرية حتى عرفت مرحلة ما بعد مؤتمر الصومام بمرحلة التنظيم و الشمولية
3 / ميثاق طرابلس 27 ماي - 4 جوان 1962 : هو نتاج مؤتمر طرابلس الذي حضرته قيادات الثورة السياسية و العسكرية حدد معالم النظام السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي للجزائر المستقلة عرف ببرنامج طرابلس و تضمن جملة من الخيارات الكبرى السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية  أهمها اختيار النهج الاشتراكي كوسيلة للتنمية و الإبقاء على الأحادية الحزبية.


تعليقات